مؤسسة سطر لصناعة المُحتوى العربي 7/27/2021 06:21:00 م

 أسرى الإدمان والطريق نحو الحرّية من جديد2

أسرى الإدمان والطريق نحو الحرّية من جديد2

 أسرى الإدمان والطريق نحو الحرّية من جديد2



تحدَّثنا في مقال سابق عن الحالات الإدمانيّة، فبدأنا الحديث عن هذا الموضوع بمقدّمة تصف بصورة معنويّة طريق الإدمان، ثم بدأنا الحديث عن الآلية الّتي يحدث من خلالها الإدمان.


سوف نكمل في مقالنا هذا الحديث عن آليات العلاج المُتّبعة، وسنشمل جميع التفاصيل الخاصّة بكل آليّة، بحيث-كما وعدناك عزيزي القارِئ - لن تكون بحاجة إلى مزيد من الإطّلاع لتعرف أكثر حيال هذا الموضوع.


ما هي مراحل العلاج ؟


في البداية يجب أن يكون لديك علم بصعوبة الموضوع بحيث أنَّ رحلة العلاج من إدمان أي نوع من أنواع المخدّرات لن تكون سهلة، ولكنّها ليست مستحيلة. 


السّلاح الفعّال في هذه الرّحلة هو الإرادة لأنها عامل أساسي ومُكمّل لنجاح خطّة العلاج. 


ويجب أن تعلم أن العلاج والمتابعة تكون من خلال طبيب متخصّص في علاج الإدمان، أو مركز صحّى خاص بعلاج الحالات الإدمانيّة، أي لا ينفع أن تتعالج تحت يد شخص غير متخصّص في هذا المجال، أو استطاع التّخلُّص من إدمان عادة ما :

  •     1.إمّا لوحده. 
  •     2.عن طريق خلطة سحرية. 
  •     3.باتّباع طريقة مضمونة ومكفولة. 
  •     4.من خلال تركيبة دوائيّة عالميّة. 

العبارة الّتي يستعين بها دائماً هذا الشّخص هي :

"اسأل مجرب ولا تسأل حكيم". 


هذا (المُجرّب الحكيم) بالتّحديد ابتعد عنه قدر المستطاع، لأنّهُ سوف يضرّك حتّى لو كانت نيّتهُ نفعك. 


الطرق الّتي سوف نذكرها في هذا المقال سوف توضّح ما هي الخطوات الّتي سوف تتم تحت إشراف الطبيب المتخصّص أو داخل المصح. 


أهمية المساندة الاجتماعيّة في علاج حالات الإدمان:


  1. من الأمور الأساسيّة في نجاح العلاج :

  1.    توفُّر دعم أُسري. 
  2.    وجود مساندة للشخص المُدمِن من قبل المجتمع. 
  3.    تحفيزه باستمرار على استكمال العلاج. 
  4.    احذر معاتبته أو تجنُّبهُ وتركهُ وحيداً، لأنّك بذلك تكون قد ساهمت بشكل كبير في فشل العلاج. 


الدّعم الأسري والمساندة من قبل العائلة والمجتمع لها أهمّية كبيرة، 

والدليل الدّاعم لهذا الأمر هو تجربة قام بها مجموعة من العلماء هي على الشكل الآتي:

  •     قام العلماء بجلب فأر ووضعه في قفص. 
  •     ثمَّ وضعوا داخل القفص كوبين من الماء، الكوب الأول يحتوي على ماء طبيعي، والكوب الثّاني يحتوي على ماء مخلوط مع مادّة مُخدِّرة.
  •     بعد فترة من الزّمن وجدوا أنّ الفأر شرب كمّية كبيرة من المياه الموجودة في الكوب الثّاني، ومات جراء التَّسمُّم بالجرعات المفرطة (overdose). 

بعد فترة زمنيّة ليست بالطّويلة، جاء طبيب نفسي يُدعى Bruce Alexander ،قام بعمل بعض التّعديلات على التّجربة السّابقة حيث قام بما يلي :

  •     استعان بمجموعة من الفئران بدلاً من الاعتماد على فأر واحد. 
  •     قام بعمل بيئة خاصة بالفئران تشبه المجتمع نوعا ما وقام بتسميته(RAT PARK)، حيث وفّر العالم للفئران في هذه البيئة كل الاحتياجات اللّازمة للعيش سويّةً. 
  •     قام بوضع أكواب من الماء قسم منها يحتوي مياه طبيعيّة وقسم آخر يحتوي مياه ممزوجة بمواد مخدّرة. 
  •     لاحظ العالم أنّ أغلب الفئران شربوا من المياه الطبيعيّة! 

هذه التّجربة تدعم الفكرة الّتي تحدّثنا عنها سابقا، فوجود مجتمع داعم للشخص المدمن يُكمِل داخله ذلك النّقص الّذي دفعه لإدمان عادة سيّئة،

 وبالتّالي يساعدهُ كثيرا في التّخلُّص من الإدمان. 


قصّة ثانية تدعم هذه الفكرة : 

أثناء حرب فيتنام، أدمن كثير من الجنود الأميركيين تعاطي الهيروين، وكان ذلك يساعدهم على التَّخلُّص من الخوف والتوتر والقلق المرافق لأجواء الحرب، فكانت نسبة هؤلاء الجنود تفوق العشرين في المئة من عدد أفراد الجيش هناك، فقام مجموعة من العلماء بمراقبتهم بعد عودتهم إلى بلادهم وإلى أسرهم، 

وهنا كانت المفاجأة، حوالي خمسة وتسعين في المئة من هؤلاء الأشخاص تخلَّصوا من العادة الإدمانيّة هذه دون اللّجوء إلى أي طبيب أو مصحّة نفسيّة، وكان العلاج المساعد الوحيد هو وجودهم ضمن أسرهم الّتي توفّر لهم الدّعم والحب الكافي لسد النّقص والتّخلُّص من المشاعر السلبيّة. 


ونتيجة لهذا أغلب العلماء يقولون أنَّ غياب الدّعم الأُسري هو السّبب الأساسي للإدمان. 


لذلك عزيزي القارئ

 لا تتردّد أبدا في منح الدّعم للشخص المُدمِن، ولو بكلمة طيّبة، فأنت بذلك تسقي غرسة الأمل الموجودة داخله،وتمنحهُ فرصة كبيرة في نجاح العلاج، وبذلك تساهم بشكل كبير في عودته إلى الحياة من جديد. 


وتأكّد أنّ الشّخص المُدمِن لم يُدمن من فراغ، فهو تعرّض للعديد من المواقف الصّعبة الّتي حطّمت نفسيته وزادت إحساسهُ بالوحدة الموحشة، وهذه المواقف ليست بالبسيطة والسّهلة بل هي فتّاكة لدرجة جعلت هذا الشّخص فريسة سهلة للمواد المُخدِّرة الّتي تمنحهُ سكينة مؤقّتة، ولكن للأسف على حساب سنين عمره، وعلى حساب صحّته العقليّة والجسديّة، بالمجمل على حساب حياته بشكل كامل. 


إلى هنا نصل إلى ختام مقالنا لهذا اليوم، والّذي تحدّثنا فيه عن العامل الأهم والضّروري في أي خطة علاجيّة مدروسة لأي حالة إدمانيّة، فدون وجود هذا العامل لا نستفاد من أي طريقة علاج أخرى. 

لمتابعة مراحل العلاج "إقرأ المزيد"


أتمنّى أن تكون طريقة سرد القصص وترتيب الأحداث قد أعجبتكَ، وسامحني إن أطلت عليك الحديث. 

إن أحسنت فمن الله، وإن أسأتُ فمن نفسي. 


إلى اللّقاء..

بقلم الدكتور علي سويدان 

إرسال تعليق

كُن مشرقاً بحروفك، بلسماً بكلماتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.